الخطورة الأخلاقية، الفخ والارتياب في أفلام كيشولفسكي - الجزء الـ 1
الحرية والمساواة والأخوة هى مواضيع ثلاثية كرزيستوف كيشولفسكي والتي أسماها بالأزرق والأبيض والأحمر، أول الأجزاء وهو أزرق وهو فيلم ذا طابع وقور إلى أقصى الدرجات.تم إدخال الفيلم على شاشة التلفزيون قبل بضع سنوات وعلق ليندساس أندرسون أن ما معظم ما يرتبط من أعمال بالسينما البولندية يتمتع بالجدية ولا أحد أفضل من كيشولفسكي في القيام بهذا،
بعض الناس يعتبرونه أفضل مخرج يعمل في أوروبا في هذا الوقت وبالتأكيد هو واحد من أكثر المخرجين جدية.جدية هذا المخرج وجاذبيتها تبقي الجمهور منصتًا ومتوجسا، والسيء أن يتم نقد المخرج على أساس أن فيلمه جدي تماما ويتجنب النكتة نظرا لخطورة المواضيع الأخلاقية التي يطرحها والقابلة للكثير من النقاش
، وهو ينتمي لجيل مخرجين شمال أوروبا مثل بيرجمان وتاركوفسكي. المخرجين الذين يتعاملون مع موضوعاتهم برؤية لا هوادة فيها، قام بصنع أفلام وثائقية في السبعينات والثمانينات تتعلق مباشرة بالواقع السياسي والحياة اليومية الصعبة في بولندا، ثم الفرصة العمياء، لا نهاية وأخيرا عمله أكثر إقلاقا في السينما العالمية " الوصايا العشر الأخلاقية -ديكالوج".
المعجبين بالوصايا العشر يحتاجون أن يكونوا جديين تماما لأنه من الصعب أن تركز على طبيعة العمل الدرامي فالسلسلة بصريا ضعيفة وهى 10 حلقات رمزية وبعيدة المنال مما يجعلها أكثر جاذبية ولكنها تبتعد عن الطبيعة القصصية والحكي الرنان،بينما نجد في الحياة المزدوجة لفيرونيكا إبهار بصري وبأسلوب منمق للغاية وهذا يرجع بفضل المصور سلافومير إيدزياك والذي قام بعمل مدهش، مع عمق غريب للقصة، إيدزياك قام بمعجزات فوتوغرافية مماثلة في فيلم الأزرق.
يتكلم كيشولفسكي في مقابلة تعد إلى أكتوبر 1993 مع جوناثان رومني حول أعماله وغايته من عدم وجود نتاج نهائي لأفلامه لكنه في نفس الوقت لا يميل إلى إبعاد هذا الأمر كلية: " من جهتي فالمطلوب مني هو العمل على صنع الفيلم، دورك أنت كمشاهد هو أن تعثر على شيء ما في الفيلم، أو ربما حتى لا تحصل. بالنسبة لي من المهم على الدوام أن أسمع تفسيرات المشاهدين، لأنني أراها تكون مختلفة تماما عن نواياي".
يستطرد كيشولفسكي: " وأنا لا أخفي نواياي بل أتكلم عنهم، لكنني لا أفسرها",
وتجد في حديثك معه أنك لا يمكنك اتهامه بأنه يختلق الموضوع ولكنه يميل للحد من الأسئلة التي تخضع لأساسيات المنطق البسيط وهو أمر يجعله ساحرا أكثر، يمكنك أن تشعر بانه يلتف على الأسئلة ويقوم بقلب المسألة مع تحدثه بالبولندية تلك اللغة الغريبة التي يكتنفها إيقاعات الموت، ربما تشعر أنه مفرط أو رافض أو ذاتي الصنعة.يقول كيشولفسكي في علاقته مع جمهور أفلامه أنه يدخل مفهوما له معنى واضح للغاية، ثم يطرح المعاكس له تماما
: " أيا كان دوري كصانع فيلم أو كاتب سيناريو أو محرر، فإنني أبغي دومًا أن أعرض الأمر من وجهة نظر المشاهد وما يتوقعه والطريقة التي يريد مني أن أكشف له من خلالها الفخ (الأخلاقي أو أيا كان) عندما يريد أن يتفاجيء، عندما يريد أن يضحك أو أن يبكي، يمكنك أن تصف عملي بأنني أقوم بلعبة مع المشاهد.. أن أعطيه ما يريده ولكن في نفس الوقت أريده أن ينزلق بغتة إلى شيء لا يكون قد توقعه"
.وهذا الشيء الخفي الذي يخبئه المخرج البولندي لمشاهديه ويترك لهم التخيل، ربما يكون نوعا من التعالي في الطرح: " الناس هم من يبحثون عن هذا، الأمر ليس بسببي أو بسبب الفيلم ولكنهم بحاجة إلى شيء من هذا القبيل لأن ليس لديهم كفاية فهم لديهم بالفعل أمورا لا يعرفون كيف يشرحونها، إحساس الاستيقاظ في الصباح، احساسهم نحو التاريخ، وفي بعض الأحيان عن الدين أو السياسة، إحساسهم بالمعاناة"
.يُكمل كرزيستوف: " الستالنيين مثلا اعتادوا على أن ينهضوا من نومهم لقتل خصومهم وسحب أظافرهم من اللحم، نحن كبشر نبحث دوما عن معنى للحياة على مر التاريخ هذا يحدث، وحتى الآن، وهناك الكثير منا يحاول أن يعرف طبيعة هذا الشعور ولمذا نحن هنا ولكن لم يمتلك أي أحد منّا هذه المعرفة أبدًا".
ت:حسين ممدوح
http://karasatilcinema.blogspot.com/
http://www.facebook.com/hussein.faust
يتبع
0 comments :
Post a Comment