تروفو و خطورة أن تبقى ناقدًا -2

Thursday 13 September 2012

تروفو و خطورة أن تبقى ناقدًا -2



تعرفون، نحن هنا في فرنسا مدينون كثيرا للسينما الأمريكية المبكرة التي لا يعرف عنها الأمريكيين أنفسهم شيئا أو على الإطلاق أو حتى يزدرون منها، وكان هناك مجموعة جددت السينما في أمريكا مثل سيدني لوميت، روبيرت موليجان، فرانك تاشين وآرثر بن. إنهم يشبهون قليلا مخرجين الموجة الجديدة في فرنسا.وإن كان هؤلاء الرجال في هذا الوقت المبكر قد استخدموا تقنيات بدائية لكن كانت أعمالهم فكرية تماما وفيها كل الصفات،

ولكن في هذا الوقت سخروا من هؤلاء السينمائيين في أمريكا لأنهم لا يعرفونهم جيدا ولأن أفلامهم لم تنجح على المستوى التجاري، والنجاح هو كل شيء في أمريكا، ومن الجيد أنني بعيد عن هذا

.لماذا نجحت الموجة الفرنسية على المستوى الفني؟

في بداية الموجة الجديدة قالوا أن أفلام هؤلاء المخرجين الشباب لا تختلف كثيرا عما كان يصنع من قبل، ونا لا أعرف إذا ما كانت هناك خطة وراء الموجة الجديدة ولكن فيما يتعلق بي فأنا لم خطط لإحداث ثورة في السينما أو التعبير عن نفسي بشكل مختلف عن من سبقوني، نظرت للسينما أنه كانت على ما يرام ولكنها كانت فقط تفتقر للصدق، كنا نفعل ما كان يفعله السابقون ولكن بشكل أفضل.

هناك مقولة شهيرة لأندريه مالرو يقول فيها: التحفة ليست أفضل من القمامة" ولذلك أرى أن الأفلام الجيدة كانت مجرد أفلام سيئة صنعت بشكل أفضل، بعبارة أخرى لا أرى فرقا كبيرا بين فيلم "وداعا مرة أخرى" لأناتول ليتفاك وبين فيلمي" بشرة ناعمة"، انه نفس الشيء.نفس الفيلم إلا أنه في بشرة ناعمه أخذ كل ممثل الدور الذي يناسبه، فعلنا شيئا حقيقيا أو على الأقل حاولنا، لأنه في بشرة ناعمة ترى أنه لم يكن الفيلم المناسب لممثلين مثل أنجريد بيرجمان أو أنتوني بيركنز أو مونتان إيف.قام على كذبة منذ البداية.الفكرة ليس في خلق سيما جديدة ومختلفة ولكن لتقويم السينما الحالية وشجعلها حقيقية أكثر، هذا ما كان يدور في خلدي عندما بدأت في صناعة الأفلام ،

كذلك لا فرق بين فيلم المتمردون لجان ديلانوي وبين "400 ضربة" لي، هو نفسه أو قريب جدا منه.لكني أردت فقط أن أضع لغما في القصة لأنني لا أحب التصنع.

نعرف أنك كنت ناقدا سينمائيا قبل أن تصبح مخرج، ما الفيلم الأول الذي كتبت عنه؟

فيلم تشارلي تشابلن"الازمنة الحديثة" ورأيته في نادي السينما ثم بعد ذلك استولت عليه الشرطة لأنها كانت نسخة مسروقة، ثم بعدذلك وبفضل أندريه بازان كتبت في مجلة كراسات السينما، الحاجة للكتابة عن الأفلام مهمة لأنه لا يكفي أن تشاهد آلالاف الأفلام،

النقد يساعدك في فهمها بشكل أفضل.لان تمارس الذكاء الخاص بك وأن ترى نقاط الضعف والقوة في الأفلام..إنها ممارسة جيدة ولكن لا يجب أن تستمر في ذلك لفترة طويلة..لأن كتاباتي كانت سلبية أكثر ووجدت أنني أجسد اللعنات أكثر من المدح

، لقد كنت أفضل في الهجوم وهو ما يؤسفني..أنا الآن أقل دوجماطوقية بكثير وأفضل الملاحظات والفوارق البسيطة بين النقد وصناعة الفيلم

.في فترة عملك بالنقد لمدة 4 سنوات فكرت في صناعة الفيلم، أليس كذلك؟

نعم بالتأكيد. في هذه الفترة كنت أبحث عن ذلك وبدأت في صناعة أفلام بكاميرا 16 ملي والتي كانت لا تستحق العرض، كنت أقع في نفس العيوب كل مرة وهى مجرد أفلام هواة، كانت طنانة وبلا قصة حتى، هذا ما يمكن تسميته بذروة الغرورو لمن يبدأ في صناعة أي فيلم في الباية.ربما تعلمت شيئا من هذا العمل، مثلا كيفية أن تشير لشيء بدلا من عرضه، ولكنها لم تكن شيء إنها كمن يفتح الباب ويغلقه فقط،  يا لها من مضيعة.

ولكن فيلمي الحقيقي الأول كان في عام 1957 وهو " ليس ميستونس" أو صناع الأذى وكان ميزته أنه يحكي عن قصة وهو أمر لم يكن موجودا في الأفلام القصيرة في تلك الأيام، كما أنه أعطاني فرصة البدء في التفاعل مع الممثلين، ولكنه الحوار كان مستفيضا مما جعل الأمور أبسط بكثير، وكنت محظوظا لأنني حصلت عنه جائزة في مهرجان في بروكسل، كان مبني على قصة موريس بونس، ولم أستخدم النص الأصلي لأنني رأيته في البداية على شكل سلسلة من الرسومات "الاسكتشات" ولقد كان من السهل وقتها إيجاد المال لصنع 3 أو 4 أفلام قصيرة مختلفة، أسهل من هذه الأيام..

وكنت تجد كذلك الدعم المالي لصناعة فيلم روائي طويل، خططت لذلك مسعتينا بخمس أو 6 قصص قديمة كتبتها وأنا طفل، ولكن بدأت بصناع الأذى لأنه كان أسهل لتحويله كفيلم.لكنني بعد انتهائي منه أحسست بعدم الرضا، لأن الفيلم كان نوعا ما أدبيا، سأشرح هذا" إنه قصة عن خمسة أطفال يتجسسون على عاشقين، وقد لاحظت في أن توجيهي للأطفال جعلتهم يبدو مفتعلين لإبراز هذه الغيرة، وهذا أزجعني وقلت لنفسي أنني لو صنعت فيلما مع الأطفال مرة أخرى علىّ أن أكون أكثر صدقا في توصير حياتهم وأن أستخدم ذلك الخيال بأقل قدر ممكن.

هل كنت محرجا عند تصوير فيلمك الأول، وأنت كنت ناقدًا في البداية؟لا أعتقد ذلك، في الواقع كنت محرجا نوعا ما ، ولكن ليس بسبب كوني ناقدا لكن لأنني رأيت حوالي 3 آلاف فيلم، وأعتقد أنك تفكر عند التصوير فيهم جميعا وتقول" آه، لقد حدث مثل هذا في فيلم كذا وكذا"، أو " بالمقارنة مع فيلم إكس فإن هذا ليس جيدا"،

كما أنني كنت أضع السيناريو دوما في رأسي وهذا كان يعقد المسألة، كان هذا يحدث كثيرا وفكرت في أغلب الأحيان أن ألغي صناعة الفيلم بسببه.

عندما كنت أقوم بتصوير صناع الأذى كان فيلم 400 ضربة في رأسي، كان موجودًا كفيلم قصير يُدعى أنتوني يذهب بعيدا، ولغيت فكرة عمله كفيلم قصير لأني كنت غير راضي عن فيلمي الأولى، أو لاكون أكثر شجاعة في الحديث أصبحت أرفض عمل فيلم من عدة سكيتشات

ولذلك قررت أن أترك "صناع الأذى" كفيلم قصير وأن آخذ فرصتي في صناعة فيلمي الروائي الاول والطويل.وتحكي قصته عن طفل ولكي يهرب من المدرسة اختلق عذرا بأن والدته قد ماتت وتم اكتشاف الكذبة لذلك قرر أن لا يذهب للمنزل وأن يبيت خارجه. أردت أن أطور القصة بمساعدة من مارسيل موسيي والذي كان في هذا الوقت كاتب تلفزيوني وكان يظهر في برنامج اسمه" ماذا لو كنت أنت"، كان واقعي وناجح للغاية ومتخصص في المشاكل الأسرية والاجتماعية، واضفنا سويا بداية ونهاية قصة أنتوني، عن مرحلة طفولته ومراهقته المحرجة.

سبب هذا الفيلم ردة فعل قوية عند الرقابة؟نعم لأن هناك حالات في الفيلم تتطلب نضجا: طفل يرى أمه مع رجل آجر. الهروب من مدرسته وأشياء مثل هذه ولذلك قامت الرقابة في فرنسا بتصنيف الفيلم على أنه لمن بعمر 16 عام وما يزيد. لكن بعد تكريم الفيلم ليس فقط الجائزة الكاثوليكية ولكن كذلك جائزة أفضل فيلم في مهرجان كان تم حذف هذا التصنيف، هل شعرت الرقابة وقتها بأنها مثل البلهاء؟نعم، أعتقد ذلك.

يتبع

ت:حسين ممدوح
 http://karasatilcinema.blogspot.com/
http://www.facebook.com/hussein.faust


0 comments :

Post a Comment